السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في العادة، يعتزل الفاسنبرز عالم الفانسب
لأسباب طبيعية ومنطقية (دراسة، سفر، ارتباط، زواج، اهتمامات أخرى ومشاغل...الخ)
كنوعٍ من سير نظام الحياة اليومية التي نعيشها ونمارسها عادة في بلداننا ومحيطنا
المدنيّ، ولكن هنالك فئة من الفانسبرز لا يعتزلون لهذه الأسباب فحسب، بل مجبرون
على ذلك ويبتعدون بعينٍ تتلألأ منها دمعة الحنين والحزن وهم الفانسبرز العراقيين.
عالم الفانسب في العراق ليس قديماً بقدمه في
باقي الدول العربية بالخصوص، بل ازدهر ونشط بعد الإحتلال بفترة نتيجة لإطلاع
الأوتاكوز العراقيين على هذا العالم بعد دخول التكنولوجيا الحديثة بشكلٍ واسع في
البلد (الإنترنت، الجوالات، الستالايت، أجهزة الحاسوب الحديثة المحمولة
والثابتة... الخ)، بعد أن كانَ مفهوم الأنمي أو الكارتون كما يُسمّى محصوراً في
قنوات التلفاز المحليّ وما يُعرض آنذاك، لذا فعندما بدأ الأوتاكوز العراقيين بالإطلاع
على هذا العالم شدهم الحنين وحب الانغمار في خضم عالم الفانسب والبدء بمحاولاتهم
في التعلم والاستعلام عن أدوات هذا العالم ومواكبة هذه التكنولوجيا بأبسط بداية
كالتأثر بكارتون قديم في الذاكرة أو محاولة إيجاد تكملة لأنمي شاهدوه على قناةٍ
معينة وغيرها فما كان أمامهم إلا إكتشاف عالمٍ جديد بالنسبة لهم وهو عالم الفانسب.
دأب الكثير من الفانسبرز العراقيين في الدخول
بمجالات الفانسب بمختلف اختصاصاته من ترجمة وإنتاج وتصميم وكارا وغيرها بل حتى
محاولة تعلّم مفردات اللغة اليابانية ومنطوقها وهنالك من جمع بين كلّ هذه الأمور
وعمل منفرداً أو ضمن فريق ليضع بصمته الخاصة في عالم الفانسب بشكل عام والعالم
العربيّ على وجه الخصوص لإثراء الفانسب العربي وتقديم الأعمال الكثيرة للمشاهد
العربي من الأنميات المترجمة المشهورة منها والفريدة والنادرة بقديمها وحديثها.
ولا شك أن يتبادر في الأذهان اسم احد الفانسبرز العراقيين المستمرين منهم أو
المعتزلين ونتذكر ما قدمه لنا وما استمتعنا معه سواء بالمشاهدة أو العمل معه.
في خضم الأحداث الجارية في الساحة العربية
وبالخصوص الوضع الراهن في العراق، هذا البلد الذي يتعرض منذ أمدٍ إلى أقسى أنواع
الظروف داخلية كانت وخارجية، نجد تأثيره الكبير على الفانسبرز العراقيين وعلى
عملهم واستمرارهم في هذا المجال، فالفرد العراقيّ عموماً ومنهم الفانسبر العراقيّ بذل
كل ما بوسعه للعيش والتعايش في ظل هذه الظروف، فهو الطالب والموظف والعامل والكاسب
لقوت يومه إلى أن وصل به الأمر إلى حدٍ لا يعرف عند خروجه من منزله لممارسة حقه
الطبيعي في الحياة إن كان سيعود حيّاً أو على أقل تقدير بخير إلى منزله أم لا،
وبالرغم من ذلك استمرّ الفانسبر بمزاولة نشاطه في عالم الفانسب محاولاً الترفيه عن
نفسه والاستمتاع بقدر ما بالهروب من العالم المخيف خارج المنزل إضافة إلى حس
الانتماء والارتباط مع العالم العربيّ والتعرّف وعقد الصداقات مع محيطه العربيّ
والعالميّ من مختلف الجنسيات أو القوميات أو الأديان حتى. إلى أن بات الأمر يهدد
الفرد في داخل منزله أيضاً فضلاً عن خارجه هو وعائلته وأقاربه وأصدقائه، وأصبح الجميع
على خطٍ واحدٍ مما يهدد أبسط حقوقهم البشريّة التي أعطاها الله للبشر ألا وهو حقّ
الحياة والعيش. نعم أخوتي هذا هو ما يهدد الفرد العراقيّ الآن بشكلٍ عام ومنهم
الفانسبر العراقيّ من قتلٍ وتهجيرٍ ومعاناة وحروب ومعارك داخل منطقته وسفك دماء
بغير حقّ إضافة إلى انقطاع سبل العيش وتردي الخدمات والبنى التحتية للبلد مع المطالبة باستمرار الدراسة والمذاكرة والعمل الأمر الذي أدى
إلى انكسار نفسيّته وتحطم روحه وكرهه للحياة التي يعيشها حتى. لذا فالحصول على
عيشٍ كريمٍ وحياة مسالمة أضحت هي جلّ ما يرهق كاهل الفرد.
وبهذا نرى الفانسبرز
العراقيين منهم من قرر الإعتزال رغماً عنه كما يقول المثل ( مُجبرٌ أخاك لا بطل)
أما بهجرته إلى بلدٍ آخر أو انقطاع وسوء خدمة الإنترنت مع الحجب المستمر للكثير من
مواقع التواصل الإجتماعيّ منها الفيس بوك وسوء توفير الطاقة الكهربائية إضافة إلى ما سبق ذكره آنفاً.
أو هنالك من هو بحالٍ متذبذب بين ترك كلّ شيء
والإلتفات إلى الخطر الذي يحدق به وإيجاد سبيل لحياته وأهله وذويه وبين الاستمرار
بموازنة الأمر وعدم الانقطاع عن عالم الفانسب وعن متابعيه وأصدقائه الكرام اللذين
يساندونه ويخففون عنه، وعن ممارسته لهوايته المعهودة في الفانسب مما يؤدي إلى أن
تعتريه دمعة الحزن وألم في القلب يصل لحد الاختناق.
وهنالك من هو مستمرّ لحد الآن ولا يجد أمامه
إلا الفانسب وعالمه ما يخفف عنه وينسيه بعضاً مما يلمّ به مؤمناً بقضاء الله وقد
يحدِثُ اللهُ بعد هذا فرجاً، ولكن إلى متى سيستمر على هذا المنوال والصبر؟! الله
أعلم.
كل فترة نجد في مدونةٍ ما أو موقعٍ أو منتدى
قرار اعتزال من فانسبرز عراقيين بسبب الظروف تلك والأعداد تتزايد ونفقد الكثيرين
ممن خدموا وقدموا لعالم الفانسب والمشاهدين الكثير الكثير من الأعمال الجميلة
والتي لولاهم لما كانت كما شاهدناها، فالشكر كلّ الشكر لمن اعتزل والثناء الجزيل
لمن استمر لحد الآن، فإنكم أبطالٌ بحق. اعتزالكم أو استمراركم أيّها الفانسبرز
العراقيين لن يجد ذلك في قلوب الناس المنصفة إلا كل الإحترام والمودة والتقدير فكونوا بخير
أينما كنتم ونرجوا من الله أن يرفع عنّا هذه الغمّة ويحفظنا من شر خلقه.
والحمد لله رب العالمين